الصفحة الرئيسية  أخبار وطنية

أخبار وطنية مـواقـف وتصـريحـات نـاريــة أطاحت بوزراء الشؤون الدينية!

نشر في  09 نوفمبر 2016  (09:53)

بعد جملة التغيّرات والتقلبات التي عرفتها الساحة السياسية في البلاد ورغم تعاقب الحكومات وتتاليها مرورا بـ«الترويكا» وصولا إلى الحكومة الائتلافية التي يترأسها يوسف الشاهد، أثارت كل التعيينات الوزارية صلب وزارة الشؤون الدينية جدلا كبيرا لتحتل نصيب الأسد لاهتمامات التونسيين على اختلاف أفكارهم وانتماءاتهم..
ورغم تباين الأسماء الوزارية من نور الدين الخادمي وعثمان بطيخ إلى محمد خليل وعبد الجليل بن سالم وتباين قراراتهم وسياساتهم التي انتهجوها فإن الإحراج الذي سببته لهم سواء مواقفهم أو بعض تصريحاتهم ساهم إمّا في توجيه سهام النقد نحوهم كالخادمي وخليل وإمّا الإقالة سواء المعلنة أو الخفية كبطيخ وبن سالم..
في هذا الإطار ارتأت أخبار الجمهورية تسليط الضوء على أكثر التصريحات  والمواقف إثارة للجدل والتابعة لوزراء الشؤون الدينية السابقين ..

عبد الجليل بن سالم وجدل الوهابية

البداية ستكون مع وزير الشؤون الدينية المقال حديثا عبد الجليل بن سالم مباشرة اثر التصريح «الناري» الذي أدلى به حول علاقة الإرهاب والتكفير بالمدرسة الوهابية التي ترعاها المملكة العربية السعودية، حيث توجه إلى سفير المملكة بتونس وأمين عام وزراء الخارجية والداخلية العرب وهو سعودي بالقول «أصلحوا مدرستكم فالإرهاب تاريخيا متخرج منكم «مضيفا «التكفير لم يصدر من أيّ مدرسة أخرى من مدارس الإسلام، إلا من المدرسة الحنبلية والوهابية».
هذا التصريح سرعان ما أصدرت على إثره وزارة الشؤون الدينية بيانا عاجلا قالت فيه إنّ العلاقة مع المملكة العربيّة السعوديّة «ملؤها الانسجام والتعاون خدمة لديننا الحنيف، وأنّ لها من المتانة والعمق بحيث لا يكدّر صفوها شيء»، ليليه قرار رئيس الحكومة يوسف الشاهد إقالة عبد الجليل بن سالم من مهامه وذلك لعدم احترامه لضوابط العمل الحكومي وتصريحاته التي مست بمبادئ وثوابت الديبلوماسية التونسية وفق ما جاء في البيان الذي أصدرته رئاسة الحكومة حول هذا الشأن..
 كما قرر رئيس الحكومة تكليف السيد غازي الجريبي وزير العدل بتسيير وزارة الشؤون الدينية بالنيابة.
وللتذكير أيضا فإنّ أطرافا عديدة استنكرت تعيين عبد الجليل بن سالم على رأس وزارة الشؤون الدينية معتبرة انّه مدعوم من قبل حركة النهضة، خاصة بعد مقطع الفيديو الشهير الذي نشره نشطاء المواقع الاجتماعية والذي كان مسجلا من أيام «الترويكا» وقال فيه بن سالم حرفيا إن»الشيخ عبد الفتاح مورو هو الذي علمه الإسلام منذ 40 سنة وهو الذي علمه شخصيا الفكر الديني العلي والفكر السياسي الراشد».

محمد خليل والسجال مع النخبة...

من جانبه أثار تعيين وزير الشؤون الدينية الأسبق محمد خليل جدلا كبيرا لاعتبار البعض أنه أيضا مدعوم من حركة النهضة وانّ هذه الحركة هي المسيطرة على تعيينات هذه الوزارة، ولعلّ ما زاد الطين بلّة العلاقة المتوترة بين خليل والنقابات خاصة على خلفية سلسلة التعيينات التي قام بها داخل دواليب الوزارة ممّا جعل أداءه محل تجاذبات عدّة..
زد على ذلك ما رافق فترة مسؤوليته من تصريحات مثيرة للجدل من بينها اعتباره انّ الزكاة يمكن لها أن تساهم في القضاء على البطالة والدفع بالتنمية،  إلى جانب تصريحاته التي طالت المثقفين ولم ترق لهم حيث اعتبر ان أغلبية المثقفين والمبدعين في تونس لا يحفظون ولو حزبا واحدا من القرآن الكريم رغم أنهم أصحاب شهائد عليا في اختصاصاتهم مطالبا إياهم بالاهتمام أكثر بالقران الكريم على حد تعبيره..
ليفسّر لاحقا انه لم يقصد إهانة وتجريح النخبة قائلا إن ما قصده هو ضرورة أن تهتم هذه النخبة المثقفة بالقران وبدراسته في إطار التثقيف الديني، زد على ذلك الحرب السجالية التي اندلعت بينه وبين الأستاذة الجامعية نائلة السليني على خلفية رفضها  هي والعديد من المثقفين اتفاق وزارتي الشؤون الدينية والتربية على فتح المدارس خلال عطلة الصيف لتحفيظ القرآن الكريم للأطفال..
وكان محمد خليل قد علّق على تصريحات نائلة السليني الرافضة لهذه الاتفاقية بالقول أنه يتحداها على العلن لو بإمكانها القراءة السليمة لأية آية من القرآن الكريم، وفي صورة تمكنها من هذا الأمر، فإنه سيترك البلاد وفق قوله.
هذا كما نشرت صحيفة الشعب في عددها الصادر الخميس 18 أوت، مقالا بإمضاء الزميل الصحفي يوسف الوسلاتي اتهم فيه وزير الشؤون الاجتماعية محمود بن رمضان بإمضاء اتفاقية تم امضاؤها بتاريخ 19 جوان 2016 وتم توصيفها بـ«الجهنمية» حسب ما ورد في نص المقال..
ووفق الشعب فإن هذه الاتفاقية التي أمضى عليها وزير الشؤون الاجتماعية بناء على طلب وزير الشؤون الدينية محمد خليل من شأنها تغيير نمط المجتمع التونسي ورعاية الإرهاب بدعوى محاربته والقضاء عليه، حيث واستنادا على هذه الاتفاقية سوف يتم تعميم مجموعة من الوعاظ في كل مركز اجتماعي يعنى بالأشخاص ذوي الحاجيات الخصوصية وذلك قصد نشر التعاليم الدينية فيما بينهم!

عثمان بطيخ ومعركته مع الظلامية...

رغم الأريحية التي اتسم بها موقف عدد كبير من التونسيين من تعيين عثمان بطيخ على رأس وزارة الشؤون الدينية واستحسانهم تنصيبه على اعتبار سماحته والأفكار النيرة التي يتبناها، إلاّ أنّ الموالين لحركة النهضة والتابعين لها طالبوا بشراسة كبيرة بإقالته بسبب ما أسموه بالاجراءات التعسفية في حق العديد من الأئمة الذين تم عزلهم إضافة إلى غلق نحو 80 مسجدا خارجا عن السيطرة وغير مرخص لها قانونيا..
كما سبق لحركة النهضة أن أصدرت بيانا اعتبرت فيه أن ما يقوم به بطيخ من «طرد تعسفي واستهداف عشرات الأئمة الذين عُرفوا باعتدالهم»، وهو ما خلّف «انطباعاً بأن الأمر يؤشر إلى عودة التصفيات الإيديولوجية في تعارض تام مع مصلحة البلاد وما تقتضيه من وحدة وتجميع للصفوف خصوصاً على المستوى الديني الذي يُعتبر عنوان الصراع الرئيسي مع الإرهاب الذي يهدد بلادنا»، حسب نص البيان.
فيما اتهم آخرون عثمان بطيخ بتكريس السياسة التي كانت منتهجة في المنظومة القديمة، ورافقت هذه الحملة عريضة من أجل إقالته..
ويذكر أن عثمان بطيخ عزل عددا من الأيمة والخطباء، لعل أبرزهم وزير الشؤون الدينية في عهد الترويكا سابقا، والقيادي بحركة النهضة نور الدين الخادمي، إضافة إلى عزله رضا الجوادي إمام جامع سيدي اللخمي بصفاقس.  
 

نور الدين الخادمي والتصريحات المتشددة

كان تنصب نور الدين الخادمي وزيرا للشؤون الدينية في فترة حكم الترويكا مثيرا للجدل خاصة من قبل النخب الديمقراطية والمثقفة التي اعتبرت توليه لهذا المنصب يشكّل خطرا على البلاد، مُعزِينَ ذلك للأفكار التي تبناها الخادمي والتي تجسّدت من خلال للخطب التي ألقاها في السابق..  فالكل يعلم انّ الخادمي كان قد دعا في عدد من الخطب التي ألقاها الشباب التونسي إلى الجهاد في سوريا، وقد اعترف بذلك قائلا إن خطبته التي تعرض فيها للجهاد في سوريا كانت في وقت كان فيه إماما خطيبا ولم يكن وزيرا.
كما لم ينف انتماءه للحركة الوهابية وافتخاره بهذا، معتبرا إياها حركة فكرية اجتماعية إصلاحية جاءت منذ عقود في المملكة العربية السعودية وكانت تعبر عن ذلك الواقع وجاءت بسياقه، فقامت بدورها وأخفقت في مسائل أخرى والكلام له
هذا إلى جانب قوله الشهير الذي أفاد فيه بأنّ الحجاب هو الفريضة السادسة في الإسلام وواجب شرعي على كل امرأة مسلمة تحمل جنسية هذا الدين وفق تعبيره.
من دون أن ننسى طبعا أنّ فترة تولي نور الدين الخادمي لمنصب وزير الشؤون الدينية شهدت انتشارا للعنف داخل المساجد وتحول دور العبادة إلى أبواق حزبية لحركة النهضة وأبواق دعاة الفكر المتطرف والوهابي الداعي إلى الجهاد والإرهاب.

إعداد: منارة تليجاني